محمد المنسي
لا تعد ملاحظات قسم التشريع بمجلس الدولة، بشأن قانون الصحافة والإعلام الذي وافق عليه مجلس النواب في مجموعه مؤخرا والتي أكدت وجد شبهة عدم دستورية بعض مواده، هي المرة الأولى التي يصدر فيها مجلس الدولة تقريرا بعدم دستورية بعض المواد بالقوانين التي وافق عليها البرلمان.
وأبدى مجلس الدولة من قبل عدد من الملاحظات بشأن القوانين التي وافق عليها البرلمان في مجموعها، تشير إلى عدم دستورية بعض موادها، منها قانون السلطة القضائية وقانون ترشح القضاة بالأندية وقانون الخدمة المدنية.
الدستور
ووفقا للدستور واللائحة الداخلية لمجلس النواب، يجب عرض مشروعات القوانين على مجلس الدولة، قبل إقرارها نهائيا، لمراجعة صياغتها.
السلطة القضائية
وسبق وأبدى مجلس الدولة عددا من الملاحظات بشأن القانون الذي تقدم به النائب أحمد حلمى الشريف، بتعديل قانون السلطة القضائية، مؤكدا أن القانون تحيط به شبهة عدم الدستورية، بحسب نص خطاب مجلس الدولة الموجه للبرلمان العام الماضى.
وجاء في نص الخطاب الذي أرسله المستشار محمد عبد الحميد مسعود، رئيس مجلس الدولة، للدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب: “بالإشارة إلى كتاب سيادتكم رقم 273 المؤرخ في 19 أبريل 2017 بشأن استطلاع رأى مجلس الدولة في مشروع القانون المقدم من النائب أحمد حلمى الشريف، بشأن تعديل بعض أحكام قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، وقانون السلطة القضائية، وقانون هيئة قضايا الدولة، وقانون هيئة النيابة الإدارية، الذي وافق عليه مجلس النواب في مجموعه بجلسة 27 مارس عام ٢٠١٧، وذلك لموافاتكم برأى مجلس الدولة في مشروع القانون المشار إليه”.
وأضاف نص الخطاب: “يرجى التفضل بالإحاطة بأن مشروع القانون المشار إليه عرض على المجلس الخاص، بجلسته في 22 أبريل، واستعرض المجلس ما انتهى إليه قسم التشريع، من أن مشروع القانون الماثل مشوب بشبهة عدم الدستورية، كونه منح سلطة تقديرية لرئيس الجمهورية في تعيين رئيس مجلس الدولة، من بين أقدم سبعة من نواب رئيس المجلس، وبذلك يسلط السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، ويهدر مبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء”.
وتابع مجلس الدولة في خطابه للبرلمان: “لهذا قرر المجلس الخاص بالإجماع، رفض المشروع المقدم في ضوء ما انتهى إليه قسم التشريع، والذي أحيل ما ورد به منعا للتكرار”.
وتجدر الإشارة إلى أنه سبق للمجلس الخاص، في جلسته المنعقدة بتاريخ 16 يناير 2017، رفض المشروع قبل تغيير بعض أحكامه، كما سبق للجمعية العمومية لمستشارى مجلس الدولة بجلستها المنعقدة بتاريخ 3 أبريل 2017، أن قررت بحضور ما يقرب من 600 من مستشارى ووكلاء ونواب مجلس الدولة، رفض هذا المشروع بالإجماع.
ترشح القضاة بالأندية
كما سبق وأكد قسم التشريع بمجلس الدولة، وجود شبهة عدم دستورية في مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الرياضة الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2017، والذي يقضى بمنع أعضاء الهيئات القضائية من حق الترشح في انتخابات مجالس إدارة الأندية الرياضية، والذي أقره مجلس النواب العام الماضى.
وفند قسم التشريع، في خطابه المرسل إلى مجلس النواب برئاسة الدكتور على عبد العال، أسباب رفضه مشروع القانون والتعقيب على الدفوع التي ساقتها المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المرسلة من البرلمان.
وأشار قسم التشريع إلى أن من أسباب رفضه للقانون أيضا وجود ثمة شبهة قد تنشأ نتيجة قيام أعضاء الجهات والهيئات القضائية بالإشراف على انتخابات الهيئات الرياضية والتي يترشح لشغل عضويتها أي منهم، وحفاظًا على هيئة أعضاء الجهات والهيئات القضائية التي قد ينالها نصيب من الخلل حال خوضهم انتخابات الأندية الرياضية.
الخدمة المدنية
كما أعلن مجلس الدولة، عن وجود نصوص غير دستورية، بمشروع قانون الخدمة المدنية، عام ٢٠١٦ موصيا مجلس النواب بتعديله.
وتمثلت أبرز المواد التي بها شبهة عدم الدستورية في المادة 13 من القانون، والتي جاءت بعد إضافة التعديل، كالآتي: “تحدد بقرار من رئيس مجلس الوزراء، الوظائف التي تُحجز للمصابين في العمليات الحربية والمحاربين القدماء ومصابى العمليات الأمنية وذوى الإعاقة والأقزام، متى سمحت حالتهم بالقيام بأعمالها، وذلك وفقًا للقواعد التي يحددها هذا القرار، بما لا يقل عن 5% من عدد وظائف الوحدة، على أن تلتزم الوحدة بتعيين هذه النسبة وفقًا لاحتياجاتها”.
كما نصت المادة 13 على أنه: “كما يجوز أن يُعيّن في هذه الوظائف أزواج الفئات المنصوص عليها في الفقرة السابقة، أو أحد أولادهم، أو أحد إخوانهم القائمين بإعالتهم، وذلك في حالة عجزهم عجزًا تامًّا أو وفاتهم، إذا توافرت فيهم شروط شغل هذه الوظائف، وكذلك الأمر بالنسبة لأسر الشهداء والمفقودين في العمليات الحربية وأسر شهداء العمليات الأمنية، وذلك كله مع عدم الإخلال بقانون 39 لسنة 1975 بشأن تأهيل المعاقين”.
وقال مجلس الدولة في تقريره أنه استعرض نص المادة “81” من الدستور، والتي تنص على أن المشروع الدستوري ألقى على عاتق الدولة التزاما بضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام، صحيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وتوفير فرص العمل لهم، مع تخصيص نسبة منها لهم، وهذا الحكم الوجوبي ينصرف إلى الأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام، دون أن يزاحمهم في هذه النسبة أية فئة أخرى.
وأكد أن النسبة الواردة بمشروع القانون المعروض فتشمل الفئات المخاطبة بنص المادة “13” الأمر الذي يوقع النص، في شبهة العوار الدستوري، في هذا الخصوص.
وأضاف مجلس الدولة، أنه يتعين تعديل النسبة الواردة بنص المادة “13” من المشروع بما يقي النص من شبهة عدم الدستورية.
كما أوصى مجلس الدولة، بإضافة عبارة “ومصابي الثورة” عقب عبارة “للمصابين في العمليات الحربية” الواردة بالفقرة الأول من هذه المادة، كما تمت إضافة عبارة “أو أحد والديهم” عقب عبارة “أو أحد أولادهم”، وذلك على نحو يتفق مع المادة “16” من الدستور التي تنص على “تلتزم الدولة بتكريم شهداء الوطن، ورعاية مصابي الثورة، والمحاربين القدماء والمصابين.. إلى آخر المادة”.
كما أفتى مجلس الدولة بوجود شبهة عدم دستورية بالمادة 76 والتي تنص على: “يصدر بنظام الشكاوى المتعلقة بالمخاطبين بأحكام هذا القانون، وقواعد وواجبات تعامل موظفى الوحدة مع الجمهور، قرار من رئيس الجهاز، وذلك بعد إضافة فقرة لها تتيح تحصيل خدمات بقيمة 10 جنيهات، تودع في حساب خاص لدى البنك المركزى المصرى في حساب الخزانة الموحد”.
الصحافة والإعلام
وأكد قسم التشريع بمجلس الدولة، برئاسة المستشار مهند عباس، وجود شبهات عدم دستورية بعض أحكام مشروع قانون الصحافة الإعلام، الذي انتهى القسم من مراجعته مؤخرا وأحاله لمجلس النواب لاستكمال إجراءات إصداره.
وأوضح أن المادة (12) والتي تنص على أنه: «للصحفي أو للإعلامي في سبيل تأدية عمله الحق في حضور المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة، وإجراء اللقاءات مع المواطنين، والتصوير في الأماكن العامة غير المحظور تصويرها، وذلك بعد الحصول على التصاريح اللازمة».
وقال القسم، إن هذه المادة بها شبهة عوار دستوري وانتهاكًا لحرية الصحافة التي كفلها الدستور، مشددا على ضرورة حذف اشتراط حصول الصحفي أو الإعلامي على التصاريح اللازمة لممارسة حقه في حضور المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة وإجراء اللقاءات مع المواطنين والتصوير في الأماكن العامة غير المحظر التصوير فيها.
وفى المادة (6) التي تنص على أنه: «لا يجوز تأسيس مواقع إلكترونية في جمهورية مصر العربية أو إدارتها أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع إلكترونية تعمل من خارج الجمهورية إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى وفق الضوابط والشروط التي يضعها في هذا الشأن».
وارتأى القسم أن هذه المادة بنصها الحالي تثير شبهة عدم دستورية، لأن مشروع القانون يستهدف لتنظيم ممارسة وحماية حرية الصحافة والإعلام من خلال ملكية المؤسسات الصحفية والإعلامية، ومن ثم فكان لزامًا على مشروع القانون أن يضع الإطار العام الذي يحكم منح التراخيص الواردة بتلك المادة، بحيث لا يكون مقصورًا على النحو الذي جاءت عليه المادة ويتخلى عن اختصاص السلطة التشريعية الأصيل في هذا الشأن، ويترك إياه للمجلس الأعلى.
كما اعترض القسم على المادة (26) والتي تنص على أنه: «يحظر على الصحفي أو الإعلامي السعي إلى جلب الإعلانات، أو الحصول على أي مبالغ أو مزايا عن طريق نشر الإعلانات أو بثها بأية صفة، أو التوقيع بأسمه على مادة إعلانية، أو المشاركة بصورته أو صوته في إعلانات تجارية مدفوعة الأجر، ويساءل المخالف تأديبيًا، وإذا ثبتت إدانته يلتزم برد قيمة المبالغ أو المزايا التي حصل عليها إلى مؤسسته الصحفية أو الوسيلة الإعلامية التي يعمل بها».
وأكد القسم ضرورة حذف ما ينص على إلزام الصحفي برد تلك الأموال الواردة في المادة، باعتبار أن ذلك يخالف الدستور الذي نص على عدم التعدي على الأموال الخاصة أو مصادرتها إلا بحكم قضائي.
وأكد أسامة هيكل، رئيس لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب، أن تقرير مجلس الدولة حول وجود شبهات عدم دستورية ببعض أحكام مشروع قانون الصحافة الإعلام، الذي انتهى قسم الفتوى والتشريع من مراجعته مؤخرا وأحاله لمجلس النواب لاستكمال إجراءات إصداره، يؤخذ بعين الاعتبار.
وقال النائب تعقيبا على ما أصدره قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة: أرسلنا القانون لمجلس الدولة للاطمئنان على دستوريته، والملاحظات الواردة من مجلس الدولة يجرى بحثها حاليا بواسطة الأمانة العامة للمجلس لإزالة مواطن شبهات عدم الدستورية.
وأشار إلى أن البرلمان أرسل القانون لمجلس الدولة مرة أخرى عقب الانتهاء من إقراره مبدئيا للاطمئنان على دستورية كافة مواده.
وأوضح هيكل، أن تقرير مجلس الدولة، يتضمن ملاحظات وليس اتهامات، قائلا: من الطبيعي أن يتضمن قانون بهذا الحجم ملاحظات، وهذا ليس عيبا، ولن نسمح بخروج قانون به شبهة عدم دستورية.
وأكد قسم التشريع بمجلس الدولة، برئاسة المستشار مهند عباس، وجود شبهات عدم دستورية بعض أحكام مشروع قانون الصحافة الإعلام، الذي انتهى القسم من مراجعته مؤخرا وأحاله لمجلس النواب لاستكمال إجراءات إصداره.