د/ ولاء السيد شحاته
ربما يعتاد بعضُ الأطفال كثرة النوم والتباطؤ في تناول الطعام كسلاً ووخمًا، وقد يؤدون الواجبات المدرسية على عجل في اللحظات الأخيرة أو يَتَمَلمَلُون عند أدائها، مما يفقدهم التحلِّي بروح المبادَرة، وهؤلاءِ الأطفال يطلق عليهم الكسَالى.
الخطورةُ في هؤلاء الأطفال الكسالى ليس التعامُل معهم حال صغرهم بقدر المشاكل المستقبليَّة التي منَ المحتمل أن تواجههم، فهناك مشاكل تخصُّ الكسل عند الكبر؛ كعدم وجود فرص عمل متميزة، أو المعاناة من الفشل الوظيفي؛ بسبب كسلهم وإهمالهم في وظائفهم، خاصَّة في المجتمَعات التي تعانِي من التضخُّم والبطالة، فإنَّ الشباب يحتاج إلى مهارات عالية، وخفَّة في الحركة، وسرعة في الاستيعاب والأداء؛ كي يستطيعوا الحصولَ على وظائف لائقة بدُخُول مناسبة.
أكَّدَت دراسةٌ أمريكيَّة حديثة أنَّ الطفلَ الكَسُول مُعَرَّض أكثر من غيره للإصابة البدنيَّة، والتَّسبُّب في أزمات صحيَّة كبيرة، وأنه أكثر الفئات عُرضة للإصابة بـ”متلازمة الوفاة الجلوسية”، وهو الموت المبكر؛ لأسباب تتعلق بانعدام النشاط البدني، والجلوس باستمرار أمام التلفاز، أو الحاسوب، أو الإنترنت لفترات طويلة، وعدم إجراء نشاط حركي وعضلي، وأن قلة الحركة تصيب الطفل بأمراض خطيرة قاتلة؛ مثل: أمراض القلب.
وتوقَّعت الدارسةُ وفاة 2.5 مليون شخص في الولايات المتحدة الأمريكية بصورة مبكرة في العقد القادم؛ بسبب “متلازمة الوفاة الجلوسية”.
ومن خلال الدراسات في البيئة المصرية نجد أنَّ الطفل الكسول ليس بالضرورة حالة مَرَضية، بل هو طفل سَوِيٌّ في الغالب، وهذا الكَسَل يرجع إلى أساليب التنشِئة الاجتماعية التي خضع لها داخل أسرته، باعتباره سلوكًا مُكْتَسَبًا من أفراد الأسرة.
فعلى سبيل المثال: عندما يرجع الطفلُ من المدرسة، ويطلب من أمه أن تساعده في مذاكرة دروسه المدرسية، وتتباطأ عليه وتؤخره لنهاية اليوم – فإنها تُعَلِّمه الكسل، ويقل نشاطه تدريجيًّا، ويصبح كسولاً.
كما أن الطفل الكسول يُرهق كل أفراد الأسرة – خاصَّةً الأمَّ – لأنه يهدر وقتها في توجيهه، وإنجاز مهامه، فيصبح عبئًا كبيرًا يثقل كاهِلها؛ بسبب عدم إنجازه لأيِّ عمل كُلِّف به، وإذا انتفض أحدُ أفراد الأسرة لمساعدته، ودفعه نحو التجاوب والإنجاز، فستكون المحصّلة ضعيفة، لدرجة أنه أحيانًا لا يكمل العمل.
وتؤكِّد أنَّ علاج هذه الحالة لن تكونَ إلا بمشاركة الطفل في الأنشطة المختلفة، عن طريق المتابعة بين الأسرة والمدرسة، كما أن للمدرسة دورًا كبيرًا في تخلِّي هذا الطفل عن عادة الكَسَل والتراخي في أداء واجباته بسرعة، فعلى المعلم أو المعلِّمة أن تشركه في بعض الأنشطة داخل الفصل، وإبراز الجوانب الإيجابيَّة في شخصيته؛ لتعطيه الثِّقَة في نفسه، فيتخلص من عاداته السلبيَّة، هذا بالإضافة إلى أهمية مكافأتِه وتشجعيه على إنجاز واجباته المدرسية، ومصاحبته في زيارات العائلة والأصدقاء، وتكليفه بمهام حسب قدراته، وإشعاره دائمًا أنه رجل يُمكن الاعتماد عليه
ومن خلال الدراسات في البيئة المصرية نجد أن حالة الكَسَل عند الطفل ترجع أحيانًا لأسباب مرضية، وهى عبارة عن دُهُون تَتَراكَم على الكبد؛ بسبب عدم إفراز الغدد المقدار الطبيعي للجسم، ومن أعراضه: كثرة النوم، والتَّعب من أقل مجهود، إضافة إلى السمنة المفرطة التي تُسَبِّب تراكم الدهون، فتحول دون الحركة والنشاط