بقلم / دينا عبدالقادر الحلو
اشتعلت “أزمة كبيرة” بسبب انتشار “فيديو” تم بثه على “وسائل التواصل الاجتماعي” من إحدى القرى السياحية بالساحل الشمالي، يصور “مشادة” حدثت بين بعض المصطافين :حيث اعترض بعض من نزلاء الشاليهات على نزول “زوجة” إلي حمام السباحة – برفقة زوجها – مرتدية المايوه الشرعي “البوركينى” ! بحجة أن هذا المايوه “شكله وحش ” ويؤذي أعين مرتادي حمام السباحة!! بل تمادوا في وصفه بأنه “بيئة” وشكله “فلاحي” !! ، وأنه يجب-في حد زعمهم- على من ترغب نزول “البسين” أن ترتدى الزى الملائم للمصيف وهو “المايوه” سواء المايوه “قطعة واحدة One piece” او “قطعتين” “البكيني” !! بل وصل الأمر الى استدعاء “أمن” القرية السياحية، ليسأل صاحبة المايوه الشرعي وزوجها عما إذا كانوا مستأجرين أم يملكون شاليه في القرية!! كما لو أن “المستأجر” ليس له صلاحيات وحقوق “الملاك”!!.
وأصبح هذا الموضوع حديث السوشيال ميديا وبرامج التوك شو والفضائيات في الأسابيع القليلة الماضية وتم الاتصال “بالزوج” عدة مرات خلال عدد من “برامج التوك شو” لكي يحكي ما حدث له من “إقصاء متعمد” هو وزوجته ومن “التمييز” discrimination” الذي حدث لهما !!
وانقسمت الآراء ما بين مؤيد ومعارض !!
واختلفت الآراء حول “شرعية” نزول المرأة من الاساس سواء للبحر أو لحمام السباحة حتى لو “محتشمة” ومرتدية المايوه المطلق عليه “مايوه إسلامي” او “مايوه شرعي” أو “بوركيني” ، وأنه يحرم شرعًا على المرأة نزول البحر والاختلاط بغير المحارم سواء في “البسين” أو البحر حتى لو “محتشمة”!!!
ودافع البعض عن حرية هذه “الزوجة” في ارتداء ما يحلو لها وما تراه مناسبا لها!!
وأيضا دافعت بعض “برامج التوك شو” عن بعض النساء اللاتي ترغبن في لبس “البكيني” بأنه لا يجب انتقادهن تماما وهن أحرار في ارتداء ما يحلو لهن!!!!
وقال “الزوج” وعدد من رواد “الفيسبوك” أنه في “أوروبا والدول المتقدمة” يتم ارتداء هذا اللباس “البوركينى /المايوه الشرعي” ولا يحدث أي انتقاد أو إقصاء من مسؤولي المكان او حمام السباحة! ! فكيف يحدث ذلك في بلد عربي ومسلم!!!!
أما رواد مواقع التواصل الاجتماعي: فهناك من يرون أنها قضية لا تستحق كل هذا الاهتمام ، وأخرون يرون أنها “طبقة مرفهة ثرية مترفة سطحية” يتحدثون في معظم الفيديو بالإنجليزية وكأنهم ليسوا مصريين!! وأخرون يرون أن هناك قضايا أهم من هذه التفاهات مثل وباء “كورونا” الذي أصاب فئة كبيرة من الناس ، وأودى بحياة كثيرين وأحدث “أزمة اقتصادية” ولازلنا نعاني منه!!، ولا يصح الخوض في هذه السخافات! وهناك من علق قائلا ” أيصح أن نتحدث عن هذه التفاهات وهناك شباب غرقى في البحر يبكي أسرهم عليهم ،وهناك أمهات “ثكلى” ينتظرون “جثث” فلذات أكبادهم!! وهناك “جثث” لشباب لا تزال مفقودة في عرض البحر وجاري البحث عنهم”!!! وهناك من علق ان هناك قضايا أكثر أهمية مثل سد النهضة وغيرها من القضايا التي تهم الرأي العام أكثر من هذه الامور التافهة !!
وواصل المعارضون “للبوركيني” هجومهم قائلين أن هذه المايوه الشرعي يتسبب في أمراض جلدية وأنه مصنوع من مادة غير مناسبة ،مما دفع بعض البرامج لاستضافة دكتور “هاني الناظر” أستاذ الأمراض الجلدية – ورئيس المركز القومي للبحوث للتأكد من مدى ضرر ارتداء البوركينىي من عدمه والذي صرح قائلا : بالعكس ،فإن المايوه الشرعي المسمى “بوركيني” يحمي الجسم من الاحتراق من أشعة الشمس عن ارتداء “المايوهات العارية” وبدلا من استخدام الكريمات المضادة لأشعة الشمس الحارقة؛!!
العجب كل العجب من هذه الفئة الغريبة “المندسة” على مجتمعاتنا العربية والإسلامية والتي تنادى بحرية “العري” وحرية “التعري” وتدافع عن “حرية الشذوذ” -وفي الوقت نفسه لا تعترف بحرية الآخرين في الحجاب والنقاب والاحتشام والتدين!!- هم يرون أن لهم كل الحق في التعري والعري وارتداء ما يحلو لهم وفق معتقداتهم وأهواءهم وميولهم وما يتراءى لهم ولكن في الوقت نفسه يحجرون على الآخرين فعل ما يناسبهم !!
قرأت هذه الرواية في موضع ما
“يحكى أنه في قرية ما! في حقبة من زمن ما ! دخل الجنود قرية واغتصبوا كل نسائها الا واحدة من النساء قاومت الجندي وقتلته وقطعت رأسه !وبعد ان أنهى الجنود مهمتهم ورجعوا لثكناتهم ومعسكراتهم ،خرجت كل النساء من بيوتهن يلملمن ملابسهن الممزقة ويبكين بحرقه الا هي !خرجت من بيتها وجاءت حامله رأس الجندي بين يديها وكل نظراتها عزة نفس واحتقار للأخريات و قالت : هل كنتم تظنون اتركه يغتصبني دون ان اقتله او يقتلني فنظرت نساء القرية لبعضهن البعض وقررن انه يجب قتلها حتى لا تتعالى عليهن بشرفها و لكي لا يسألهن أزواجهن عندما يعودوا من العمل لما لم تقاومن مثلها فهجموا عليها على حين غفلة وقتلوها”
(قتلوا الشرف ليحيا العار )
ينادون بحرية التعبير لأنفسهم !!
ويوأدون حرية الآخرين في مهدها!!
متناقضون في فكرهم فتراهم ينادون بحرية الملابس ثم يناقضون أنفسَهم فيهاجمون الحجاب!!
ينادون بمنع “النقاب” ويهاجمونه في كل مناسبة وفي كل وقت وحين كلما سنحت لهم الفرصة !
ويطالبون بحرية العري ولبس البنطلونات المقطعة وسبق أن هاجموا ذات مرة “رئيس جامعة” قام بمنع دخول الطلاب ذوي البنطلونات الممزقة!!!
حرية العري مكفولة للجميع!!
ولكن حرية الاحتشام والحجاب تؤذي الأعين وتثير الاشمئزاز و”بيئة”!!
هل الحرية الشخصية عندكم في “القلع” و”الخلع” و”الملط” فقط!
ولكن لا حرية لمن يريد ارتداء ملابس محتشمة!!
هل الحجاب والاحتشام يسبب لكم “الاشمئزاز” وتعدونه مظهرًا غير حضاريًا!!!
أليس استنكاركم ورفضكم للحجاب وللاحتشام هو اعتداء على حرية الاخرين !!!
عجبا لكم !!
بل سحقا لكم!!
عندما تشاهد هذا الفيديو الذي تم نشره عن هذه الواقعة العجيبة ، ستجد أبطال هذا الفيديو يتحدثون اللغة الانجليزية معًا ، وكأنهم ليسوا عرب وكأنهم ليسوا مصريين ! وكأنهم ينشدون الحضارة والتمدن والثقافة والرقي في التحدث بلغة غير لغتهم!! وكأنهم يخجلون من اللغة العربية “لغتنا الجميلة” “لغة القرآن الكريم” !! هل رأيتم من قبل أشخاص من جنسيات اخرى انجليز او فرنسيين أو أسبان أو أو يتحدثون لغة هي لغتهم! أو يقحمون مفردات من لغة اخرى خلال أحاديثهم،!! انها “عقدة الخواجة” المتأصلة في نسيج الشعب العربي مهما مرت السنوات وتغيرت الثقافات !!
ولكن اسمحوا لي يا سادة أن اخبركم أن الرقي والتحضر والثقافة ليسوا باستخدام مفردات أجنبية وليس بارتداء أغلي الملابس أو بامتلاك أحدث موديلات السيارات أو باقتناء أغلى الهواتف المحمولة أو بارتداء اغلى الماركات أو الإقامة في “الكمبوندات” و”أغلي المصايف” !!
الرقي ليس بالثراء أو بالفقر!!
بل الرقي هو الرحمة والمحبة والإنسانية والتعايش مع الاخر وقبول الاخر واحترام حرية الاخرين !!!
حريّة الإنسان تنتهي حيث تبدأ حدود الله..!
تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ
وما أجملها من حرية ..
“إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” (19) ابراهيم
وكلمة أخيرة للبنات والسيدات :
عليكن بالتزام الحجاب الشرعي الواسع الفضفاض الذي لا يصف ولا يشف في أي مكان تذهبن إليه!
♦ ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]
فالدنيا قصيرة !!
وما هى الا معبر للآخرة !
وكفى بالموت واعظًا!!
♦ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59]