فيروس كورونا الذي لم يظهر له دواء حتي الآن

بقلم/ عبد العزيزحجازى
هناك كثير من الأشخاص الذين لا يوجد لديهم حفنة من الأمانة؛ ويتسببون في انتشار هذا الفيروس وعدوى الأشخاص المخالطين لهم من ذوي القرابة او زملاءهم في العمل أو في المواصلات العامة، وهناك منهم من يفعل ذلك عن تعندٍ منه ورغبة في إيذاء غيره من البشر ويترتب علي هذا العمل الغير مشروع انتشار المرض وإصابة ضحايا أبرياء ليس في وسعهم سوى استخدام طرق الوقاية البسيطة ويعاملون الأشخاص الذين أرادوا نشر العدوى بحسن نية.
فهل المتسبب في إصابة غيره لا يحاسب أم يكون عليه مسؤولية عن فعل العمل الغير مشروع وهو نشر الوباء وتفشيه؟
فهنا المسؤولية القانونية عن إضرار الغير وإصابتهم بهذا الفيروس اللعين

فقد نصت المادة (163) من القانون المدني المصري على أنه:- ( كل خطأ سبب ضرار للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض).
أي التعويض عن الضرر الناجم الذي سببه المصاب الذي قام بنقل المرض وتفشي العدوى”.
فيُسأل المُتسبِب في انتشار المرض وعدوى غيره عن المسؤولية التقصيرية الناجمة عن تفشي المرض وعمله غير المشروع هذا.
فالمسؤولية التقصيرية هي التي تقوم على الإخلال بالالتزام القانوني وهو الالتزام بعدم الإضرار بالغير وهو التزامٌ عامٌ واحدٌ لا يتغير؛ حيث يلتزم المسؤول بتعويض الضرر الذي ينتج عن الإخلال بهذا الالتزام الذي ينشأ دون علاقة عقدية بين المسؤول والمتضرر.
فالمسؤولية التقصيرية مصدرها القانون تتصل بمصدر الالتزام لا يوجد من قبل أية رابطة بين المسؤول والمتضرر، فالإخلال الذي يقع على هذه المسؤولية ليس إخلال بالتزام معين نظمته إرادة الطرفين

وإنما هو إخلال بالتزام عام يفرضه القانون ويقضي بعدم الإضرار بالغير.
فيُثار التساؤل هل يشترط توافر اهلية معينة لكي يلتزم من تسببّ بتفشي المرض وعدوى الغير بالتعويض؟
تنصت المادة (164) من القانون المدني المصري على أن:
1- يكون الشخص مسؤولًا عن أعماله غير المشروعة متى صُدرت منه وهو مميز.
2- ومع ذلك إذا وقع الضرر من شخص غير مميز ولم يكن هناك من هو مسؤول عنه أو تعذر الحصول على تعويض من المسؤول، جاز للقاضي أن يلزم من وقع منه الضرر بتعويض عادل مراعيا في ذلك مركز الخصوم).
فهل يقضي القاضي بالتعويض على الفور ام لابدّ من توافر أركان المسؤولية التقصيرية عن العمل غير المشروع؟!.
لابدّ من توافر ثلاثة أركان( الخطأ – الضرر – وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر).
-فأما عن الركن الأول وهو الخطأ:-
فهو الإخلال بواجب كان عليه عدم مخالطة غيره وهو إخلال قانوني من شخص مميز على الأقل وهذا الواجب يكون بالالتزام بالعزل وعدم مخالطة غيره حفاظًا على أرواحهم.
-أما عن الركن الثاني وهو الضرر:-
الضرر هنا هو الذي يلحق المتضرر نتيجة خطأ المصاب بمخالطة غيره وهذا الأذى يلحق المتضرر جسديا وماليا ويضار أدبيا أيضا.
••• فالضرر الجسدي: هو الذي يصيب الشخص في جسده ويؤثر في حقه في الحياة ويتمثل في كل ما يمس الجسد من أمراض او يفقده الحياة ويحرمه منها.
ويلحقه أيضا بأضرار مالية: وهي الأضرار التي يستحق عنها التعويض فتشمل على ما لحقه من خسارة وما فاته من كسب ويدخل في حساب تلك الخسارة ما تكبده من مصاريف علاج وأدوية وتحاليل وأشعة وأتعاب أطباء وأجور مستشفيات وغيره، وكذلك الكسب الفائت فيشمل مقابل الدخل الذي فوّته عليه بسبب المرض وعجزه عن العمل إلى جانب فوات الفرص المالية على المتضرر نتيجة عجزه وإصابته.
فماذا عن الأضرار الأدبية؟!.
فتشمل ما يصيبه في شعوره وأحاسيسه والآلام الجسدية والنفسية التي عناها المتضرر نتيجة الإصابة.
فإذا توفى المتضرر جراء إصابته بفيروس كورونا المُستجِد” فإنّ لورثته حق مطالبة المسؤول عن تعويض الأضرار المادية التي لحقت بمورثهم بما فيها نفقات تجهيزه من غسل ودفنه، وإقامة سرادق العزاء، كما يحق لمن كان يعولهم “المتوفى” المطالبةَ بتعويض عن الأضرار المادية التي أصابتهم من جراء فقد العائل.
-أما عن الركن الثالث والأخير ركن العلاقة السببية:-
ويقصد بها وجود علاقة مباشرة بين الخطأ الذي ارتكبه المسؤول والضرر الذي أصابه للمتضرر وهذا الركن كان هو النتيجة التي ترتبت على الخطأ بحيث يكون لولا هذا لما وقع الضرر، فإذا لم يكن خطأ المصاب بالفيروس ونقل العدوى وإصابة غيره فلا يكون هناك مجال أو محل للرجوع عليه ومطالبته بتعويض الضرر لانتفاء الرابطة بين الخطأ والضرر المترتب عليه.
-فالإجابة على هذا التساؤل وهو حكم محكمة النقض:-
(استخلاص توافر علاقة السببية بين الخطأ والضرر هو من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع دون رقابة عليه من محكمه النقض إلا في حاله كون الاستخلاص غير سائغ).
( طعن رقم 252 لسنه 37 ق جلسه 31/12/1974 )
-وينص الدستور على أن لجسد الإنسان حرمه، والاعتداء عليه، أو تشويهه، أو التمثيل به؛ جريمة يعاقب عليها القانون.
-ولمحكمة النقض كلمة في ذلك(أن من حق الإنسان في سلامة جسده من الحقوق التي كفلها القانون وجرم التعدي عليها وأن إصابة الجسد بأذى من شأن الإخلال بهذا الحق ويتحقق بمفرده قيام الضرر المادي.
( طعن رقم 1224 لسنه 59 ق جلسه 31/10/1993 ).
– ماذا لو تبين أن تسبب أكثر من شخص في تفشي الوباء وإصابة الغير فهل يلتزمون بالتعويض متضامنين؟.
نصت المادة رقم 169 من القانون المدني المصري على (إذا تعدد المسؤولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر، وتكون المسؤولية فيما بينهم بالتساوي إلا إذا عين القاضي نصيب كل منهم في التعويض).
-فمن أحكام محكمة النقض في هذا الشأن:-
المُقرَّر بنص المادة 169 من القانون المدني أنه إذا تعدَّدَ المسؤولون عن فعل كانوا متضامنين في التزامهم بالتعويض.
التضامن في القانون معناه أن يكون كلُّ من المطالبين به ملزمًا لطالبٍ واحدٍ أو اكثر بكل المبلغ المطلوب به.
( طعن رقم 516 لسنه 29 ق جلسه 12/10/1964 ).

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *