مدام جنفياف

بقلم / دينا عبد القادر الحلو
لا
أدري ما الذي جعلني أتذكر مدام جنفياف صباح اليوم!! مدام جنفياف هى مدرسة اللغة الفرنسية التي كانت تدرس لي مادة اللغة الفرنسية في المرحلة الثانوية ،لعلني تذكرتها أثناء قيامى برفع محاضرات اللغة الفرنسية على منصة موقع التعليم الإلكتروني وبينما أصوات المحاضرين باللغة الفرنسية تنساب إلى مسامعي.
دعونى أسرد لكم علاقتى باللغة الفرنسية وكيف بدأت: لم ادرس اللغة الفرنسية إلا في الصف الأول الثانوى بمدرسة الثانوية بنات- مدرستي الحبيبة بالمختلط -لم أكن قد درستها في المرحلة الابتدائية ولا المرحلة الإعدادية مثل طلاب مدارس الفرننسسكان والعائلة المقدسة حيث كانت مدرستى الابتدائية (المدارس الاسلامية والمحافظة على القرآن الكريم) تهتم بتعليم اللغة الانجليزية ولم ندرس الفرنسية إلا عند التحاقنا بالمرحلة الثانوية ،ولا أخفي عليكم اننى في أول حصة في اللغة الفرنسية في فصلي (أولي خامس)

لازلت أتذكر الفصل -أصابني الإحباط واليأس بل الصدمة والذعر والهلع- حيث أخذت المعلمة مدام جنفياف تشرح وتتحدث بالفرنسية، والطالبات ممن درسن الفرنسية في المراحل السابقة تتجاوبن معها وتنطقن الكلمات بكل سهولة ويسر أما أنا فلقد أصابنى الهلع والارتباك الذي وصل لحد البكاء ولم استطع التجاوب من أول حصة!
مدام جنفياف كانت مدرسة طيبة جميلة عرفت انها تعطى دروسًا خصوصية فقررت أن أتلقى درسًا خصوصيًا عندها وكان الدرس الأول في حياتي الذي أنزل له خصيصًا من مسكني، لم يكن بيت مدام جنفياف بعيدًا عن مسكن أسرتي بل كان قريبًا حيث كان بيتها يقع بمنطقة حسين بك ويأخذ منى عشر دقائق سيرًا على الأقدام

فكنت امشي شارع الاتوبيس القديم كله حتى أصل إلى محطة القطار ثم أدخل مبنى المحطة لاعبر منه إلى ميدان أم كلثوم واسير في شارع السكة الجديدة وأعطف شمالا لأجد الحسينية ومسكن مدام جنفياف كان في إحدى البنايات القديمة العالية قي منطقة الحسينية وكانت شقتها منقسمة إلى جزأين: جزء للدروس وجزء للمسكن :يفصل بينهما ستارة تحجب غرف ابنائها

والجزء الخاص بالدروس كان منقسم الي غرفتين :غرفة مدام جنفياف حيث تقوم بتدريس اللغة الفرنسية فيها ،والحجرة الأخرى يدرس فيها زوجها أستاذ اسكندر مادة الرياضيات ،زوجها أيضا كان يتسم بالاخلاص في عمله وكان معروفًا بالشدة والحسم مع طلابه،ومن لا يقم بعمل الواجب يجعله يجلس في الصالة لحل الواجب قبل الذهاب لبيته.مدام جنفياف وقتها كانت تأخذ منى فقط خمسة عشر جنيها وأتذكر عندما بدأت الدرس كنا في منتصف الشهر فأخذت منى سبعة جنيهات ونصف فقط ، وكانت تجعلنا نقوم بتسميع الكلمات في بداية كل حصة ولم تكن تميزني في التعامل داخل فصل المدرسة بل كانت تعامل الجميع بحب ولطف دون تفرقة أو تمييز ،وتتوالي الأيام وبفضل الله -ثم فضل مدام جنفياف- تعلمت منهج اللغة الفرنسية وكنت أحصل على درجات عالية 29 او 30 من 30 سواء في الامتحانات الشهرية أو النهائية وذلك في الصف الاول ثم الصف الثاني الثانوي

أما في الثانوية العامة :مدام جنفياف لم تكن تعطي دروسًا خصوصية للصف الثالث الثانوي فذهبت لأستاذ محمد الفضالي الذي كان ذائع الصيت وقتها في مدينة المنصورة

ولكن بيته كان بعيدًا جدا جدا عن مسكني حيث كان يقع بجوار كلية الاداب القديمة بعيدا عن مسكن أسرتى وقتها فلم استكمل دروس الفرنسية على يديه وقررت وقتها الاكتفاء بالاستذكار وحدي من الكتب والمذكرات وما تعلمته على يد مدام جنفياف وبالفعل حصلت على درجة 29 من 30 دون درس خصوصي بل بما تعلمته على يد مدام جنفياف الحبيبة التي لا اتذكر عنها الا كل ما هو طيب وجميل ،

تحية وشكر وامتنان وعرفان لمدام جنفياف التي لا اعرف ان كانت على قيد الحياة أم لا!!

تحية شكر واجلال لكل استاذ ومدرس لازلنا نتذكره بالحب والدعاء.

الذكرى الطيبة تظل في الوجدان مهما مرت الأيام والسنوات.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *