محسن العدل يكتب عن : التعليم والنمو الاقتصادي

بقلم : محسن العدل

أعزائي ……… دعونا نفكر سويا  ، هل هناك علاقة بين التعليم والتنمية بصفة عامة ؟ الغالبية العظمى تؤكد الاجابة بنعم ،لماذا ؟

لأن ببساطة معظم أدبيات التنمية تؤكد أن التعليم هو ركن رئيسي في مثلث التنمية في العصر الحديث في أي مجتمع إضافة إلى الصحة والاقتصاد .

علاقة التعليم بالتنمية الاقتصادية ليست حديثة في هذا القرن بل سبقنا من زمن قريب عدة دول كانت أقل منا أو تمتلك نفس ظروفنا ونجحت بامتياز مثل كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة وكندا .إذا ما المشكلة ؟

يقول آدم سميث في كتابه ثروة الأمم (اكتساب الفرد للمهارات أثناء مساره التعليمي رغم تكلفته الكبيرة يشكل رأس مال ثابت و جزءاً من ثروة المجتمع ),ومن منذ عام 1960 م أصبحت اقتصاديات التعليم بابا قائما بذاته في علم الاقتصاد وهذا ما أكده الخبير الاقتصادي تيودور ويليام في محاضرة له في جامعة شيكاغو ، فالتعليم هو القاطرة الفعلية لتحقيق النهضة الاقتصادية إذا استثمرته بطريقة فاعلة في الطاقة البشرية من خلال أنظمة تعليمية متكاملة وبرامج تدريبية فعالة .

اليوم أصبحت اقتصاديات الدول قائمة على التطور التكنولوجي  بدرجة كبيرة ويتركز الاهتمام على مدي مساهمة الفرد المباشر في نمو الاقتصاد الوطني لكل بلد أو ما يطلق عليه خبراء الاقتصاد الان بالرأسمال البشري .

الاعتماد على الرأسمال البشري وتوفير فرص تعليم في سن مبكرة تحت مظلة منظومة تعليمية تناسب بيئة وثقافة المتعلم ووضع برامج تدريب وتأهيل موازية لليد العاملة ذات جودة عالية من شأنها معالجة مظاهر الفوارق الاجتماعية وخلق فرص عمل حقيقية تناسب نوعية التكوين الاكاديمي والمهني وبالتالي رفع مستوى دخل الفرد مما ينعكس ايجابا على مؤشرات التنمية الاقتصادية .

ونحن في مصر دخلنا القرن الحادي والعشرين ونحن لانزال نعاني من تبعات عبء ثقيل يتمثل في الأمية العلمية والفكرية من البالغين بنسبة ليست بالقليلة حسب تقرير التنمية الانسانية العربية 2005 م ص 75 ، وكلي أمل في القائمين على العملية التعليمية المطالبة بتخصيص ميزانية اكبر للتعليم والتأهيل المهني والاستثمار الصحيح في الرأسمال البشري حتى يكون المردود كبير ونافع على المستوى الاستراتيجي بعيد الأمد إذا استند على رؤية واقعية وخطط مدروسة لتلائم مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل في مصرنا الغالية .

العديد من الدراسات المتخصصة أكدت على زيادة ميزانية التعليم للاستثمار الحقيقي في البشر ليزداد النمو الاقتصادي في جميع المجالات ، فمثلا في امريكا حجم الانفاق على التعليم  809.6   دولار سنويا تليها اليابان بميزانية 160.5 مليار دولار .

ونحن عندنا ميزانية هزيلة بالكاد تكفي لدفع رواتب الموظفين والجزء القليل الباقي يرقع بعض السياسات التعليمية السابقة والمتتالية حيث نعمل بالجودة الورقية دون النظر في توفير البنية التحتية والكوادر التربوية المؤهلة والمدربة .

ومن هنا يجب التأكيد على زيادة ميزانية التعليم إذا أردت النمو الاقتصادي تحت مراقبة  أوجه الصرف حتى لا يكون الانفاق على التعليم غاية في حد ذاته وألا يحتكم إلى تخطيط عشوائي يتغير بتغير وزير أو يفتقد رؤية إصلاحية شاملة على المدى البعيد ونبقى فئران تجارب لخطط وبرامج ومنح الدول الأخرى

لك الله يا مصر …… حفظ الله مصر وشعبها وجيشها

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *