كتب / بدر صبحي
ناقشت كلية الحقوق جامعة الزقازيق رساله الدكتوراه المقدمه من الباحث المستشار محمد على حفنى،بعنوان ” المشروعية القانونية الدولية للدعم اللوجستى للحروب الإقليمية .. دراسة حالة أفغانستان والعراق ” .
ضمت لجنة المناقشه والحكم كلا من الدكتور نبيل احمد حلمي، أستاذ القانون الدولى وعميد كلية الحقوق جامعة الزقازيق الاسبق ” مناقشا “، و الدكتور عبد الهادى محمد عشري، أستاذ القانون الدولى العام وعميد كلية الحقوق جامعة مدينة السادات سابقا ” مشرفا “، و الدكتور طارق محمد فهمىي، استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهره ” مناقشا”.
وعرف الباحث خلال رسالته ان الدعم اللوجستي هو فن وعلم إدارة تدفق البضائع والطاقة والمعلومات والموارد الأخرى كالمنتجات والخدمات ، وحتى البشر من منطقة الإنتاج إلى منطقة الاستهلاك، أو فن تحريك الجيوش، وإمدادها باستمرار كونها ذات صلة بالشئون العسكرية، وأيضاً يُعرف بالإمداد والتموين والتسليح والإخلاء وغيرها من الأعمال غير القتالية، والعاملون بهذا المجال عبارة عن مجموعات غير قتالية لكنها مدربة تدريب عالي جدا، ويتحولون إلى القتال إذا تطلب الموقف منهم ذلك. وقد توسع المعنى مع اتساع نطاق الأعمال لمفهوم الاستراتيجية، وعممت على الأعمال المدنية كالحركة والنقل والتخزين وغيرها لتشابه الأعمال ، لكن الفرق عادة يكون هنا بالوضع الآمن للسلك المدني، والوضع غير الآمن للسلك العسكري.
وذكر الباحث في رسالتة أن عمليات الدعم اللوجستى تهدف لحفظ السلام وإلى مساعدة الدول التي مزقها الصراع ، من أجل صون السلم والأمن، فضلاً عن تقديم المساعدات في الجوانب السياسية ، وإصلاح مؤسسات القضاء والشرطة ، ودعم سيادة القانون ، وعودة المشردين واللاجئين، وتقوم العمليات المذكورة بمهامها ، بغض النظر عن كون النزاع دولياً أو داخلياً .
واشار انه شمل دعم الولايات المتحدة الأمريكية للعراق ، خلال حرب الخليج الأولى ضد دولة إيران ، وما بعد ما يسمى بالثورة الإسلامية الإيرانية، مساعدات اقتصادية بقيمة مليارات الدولارات ، وبيع التكنولوجيا ذات الإستخدام المزدوج والأسلحة من خارج الولايات المتحدة الأمريكية ، والإستخبارات العسكرية، وتدريب العمليات الخاصة ، واستخدمت الولايات المتحدة رجالا وسطاء في جميع مبيعات الأسلحة لدولة العراق خلال الحرب ، وهو دعم عسكرى واقتصادى وقد تمثل الدعم الأمريكي للعراق أثناء الحرب العراقية الإيرانية في أشكال متعددة منها: التدخل المباشر لتعديل ميزان الحرب ، وأحيانا الهجوم المباشر على مواقع إيرانية، وفعلت الولايات المتحدة ذلك في ظل استراتيجية وسياسة لميزان القوى بين الطرفين، حيث اعتبرت الحرب فرصة لإضعاف الطرفين، وقامت أمريكا أيضا بالدعم المباشر الاستخباراتي والمعلوماتي والعسكري ، وكذلك الدعم من خلال حلفاء، ووسطاء مثل الكويت والمملكة العربية السعودية ، وغيرهما ممن كان وسيطا لدعم العراق ، وأيضا الدعم من خلال فرض حصار على إيران ، لعدم استيراد السلاح ، وعملت أمريكا على دعم لوجستى جديد من نوعه ، وهو التغاضى والسكوت عن جرائم العراق ، باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد القوات الإيرانية.
واوضح ان الحرب الأمريكية على العراق عام 2003م ، والتي أدت إلى الاحتلال الأمريكي الكامل للعراق، شكلت متغيراً ذا أهمية كبيرة بالنسبة لمختلف الأطراف ، سواء الإقليمية منها أو الدولية ، كون هذه الحرب تحتوي بين جنباتها على أبعاد مختلفة ومتنوعة ، بقدر الأهداف التي يراد تحقيقها من وراءها ، وتتمثل هذه الأبعاد بالاقتصادية منها والعسكرية والأمنية والإستراتيجية ، بالإضافة إلى البعد الديني الذي يعد أبرزها ، لاسيما في ظل أجواء التوجه الديني الذي سيطر على أعضاء إدارة بوش الابن بصورة خاصة ، والمجتمع الأمريكي بصورة عامة وإظهار العداوة بين السنة والشيعة والكرد والتركمان.
كما دعمت الولايات المتحدة الأمريكية بنشاط ، المجهود الحربي العراقي ، من خلال تزويد العراقيين بمليارات الدولارات ، ومن خلال تقديم الاستخبارات العسكرية الأمريكية المشورة للعراقيين ، ومراقبة عن كثب لمبيعات الأسلحة من البلاد الداعمة للعراق للتأكد من أن العراق يمتلك الأسلحة العسكرية المطلوبة. وقدمت الولايات المتحدة أيضا المشورة التشغيلية الاستراتيجية للعراقيين ، لاستخدام أصولهم بشكل أفضل في القتال مثل وكالة المخابرات المركزية، بما في ذلك كلا من مدير وكالة المخابرات المركزية كايسي ونائب المدير غيتس، کانوا على علم ووافقوا وساعدوا في بيع الأسلحة العسكرية والذخائر، والمركبات من خارج الولايات المتحدة إلى العراق. وكذلك وثائق أخرى في ملفات NSC تظهر أو تبين أن وكالة الاستخبارات المركزية عرفت الأسلحة العسكرية والذخائر والمركبات التي صدرت من خارج الولايات المتحدة ، وأقرتها وساعدت في بيعها.
أما من ناحية الدعم اللوجستى لأفغانستان ، فتم دعم الجهد الأفغاني من الدول العربية والإسلامية، وبدعم وتخطيط من الولايات المتحدة الأمريكية ، حتى ظهرت جماعة طالبان ، التي قادت الجهاد ضد السوفييت ، وأخرجتهم من أفغانستان عام 1989م ؛ لتسيطر جماعة طالبان على الحكم ؛ ولتبدأ مرحلة جديدة في أفغانستان ، وعاشت أفغانستان قبل الاستقلال كدولة حاجزة بين الأسد البريطاني في شبه القارة الهندية، والدب الروسي في أقطار آسيا الوسطى، ومن ثم قام الأفغان من خلال تنظيماتهم القبلية بمقاومة هذه المحاولات من جانب الحكم البريطاني في شبه قارة الهند ، ومن جانب السيطرة الروسية على أقطار آسيا الوسطى الإسلامية، وتمرس الأفغان على القتال ؛ مستفيدين من طبيعة أراضيهم الجبلية وتنظيماتهم القبلية وعاداتهم التي ترفض التدخل الأجنبي؛ حتى ولو كانت تلك القبائل تتقاتل فيما بينها للسيطرة على البلاد .
واستمرت النزاعات فى أفغانستان من أجل المصالح والهيمنة على منطقة الأفغان ، وشبه القارة الهندية، فمرت حروب متعددة ومتشابكة ، ومنها الوجود البريطانى فى أفغانستان ، ودعمه للأفغان ضد الروس ، حتى قام الروس بهزيمة البريطانيين والسيطرة على أفغانستان، ثم توالى الدعم الأمريكى للمجاهدين الأفغان ضد روسيا، واستقطب الأمريكيون مجاهدين إسلاميين من دول إسلامية ، ودعمتهم أمريكا بالأسلحة وبالمال ، وكانت أمريكا شريك هؤلاء المجاهدين بكل أنواع الدعم اللوجستى ، حتى انتهى الوجود السوفيتى فى أفغانستان ، وقامت بعض الدول العربية بمساعدة هؤلاء المجاهدين باسم الجهاد ضد الشيوعية ، أو ضد المحتل فى بلاد الإسلام – يقصد أفغانستان – واستخدمت أمريكا بعض هذه الدول كشريك فى دعم الحرب ضد روسيا ، وظهرت حركة طالبان ، وقاد الحركة أسامة بن لادن بإذن من أمريكا.
وتأتى أهمية دراسة في ان الدولتان تشتركان فى خوضهما لحروب داخلية وحروب مع دول الجوار، و فى أن القائم على الدعم اللوجستى لهما الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث تهتم أمريكا بمصالحها الشخصية أولا وأخيرا، ولو على حساب الشعوب الأخرى، ومن هنا تأتى الدراسة لكل حالة على حدي ، سواء من الجانب العراقى ومشاكله مع إيران أو الكويت ، وأيضا أفغانستان والدعم اللوجستى لها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ، أو الاتحاد السوفيتى وكل من أجل مصالحه.
وفي ختام المناقشة منحث لجنة التحكيم درجة الإمتياز مع مرتبة الشرف من الدرجة الاولي للباحث مع التوصية بنشر رسالتة.
اترك تعليقاً