احمد إمام يكتب.. “إبراهيم عيسى” ما بين الدعوة لتجديد الخطاب الدينى و إعتناقه للتطرف !

لا أنكر أبداً أننى كنت و لوقت طويل من أحد أشد المعجبين و المتابعين لإبراهيم عيسى.. فلم أكن أفوت إحدى حلقات برامجه على الفضائيات فى الفترة التى تلت أحداث 2011 و حتى بداية فقدانه لصوابه و سلوكه طريق اللاعودة فى 2015 تقريباً.

كنت وما زلت متفقاً مع إبراهيم عيسى فى الكثير من إطروحاته و إشارته لبعض المشاكل التى يجب على الدولة التدخل و إتخاذ خطوة بصددها و التى كان يطل بها علينا أو يطرحها من خلال برامجه.. فلا أنا ولا غيرى يستطيع نكران أن إبراهيم عيسى كان من أول من نادى بضرورة تجديد الخطاب الدينى.

ولكن مالم أتفق أنا وغيرى بصدده مع إبراهيم عيسى هو طريقة تناوله للموضوعات بعد فترة من مناداته و طرحه لبعض الحلول ” من وجهة نظره” لتستعين بها الدولة فى الخروج من عنق الزجاجة ” من و جهة نظره أيضا “

وهنا يكمن لب الموضوع و محور الحديث كله.. “شخصنة الإختلاف مع الدولة و تحويله إلى خلاف”..

فتحول إبراهيم عيسى من شخص من المفترض أنه يتسم بالوطنية و تأييده للدولة و الرئيس و يطرح وجهات نظر بناءة لكثير من الأمور.. لشخص “وطنى بشرط” أن يتم الإهتمام بما يطرحه فى أحاديثه و مقالاته و أن يؤخذ على محمل الجد و الأهمية العاجلة على الفور و ينظر إليه بعين الإعتبار فى توجهات و سياسات الدولة و الرئيس فى إدارتهم لشؤون البلاد.

إبراهيم عيسى شأنه كشأن الأخرين ممن آلمهم و أثر على نفسيتهم و على قواهم العقلية تحطم آمالهم و ما خططوا له فى أوج أوقات نشوتهم و تجلى خيالهم بإمكانية أن يكونوا أحد متخذى القرار فى الدولة المصرية كون عقولهم و قناعتهم قد أوحت لهم بأنهم أولى بذلك دون عن غيرهم ممن هم متواجدين حولهم على الساحة !!

و من هنا كان التحول السافر و اللإرادى من جبهة تأييد الدولة على طول الخط إلى جبهة مهاجمتها و إنتقاد كل قرارتها و السخرية من حكومتها و رموزها و محاولة إشعال الفتن و الفرقة بين أبنائها.
إبراهيم عيسى مارس بنفسه التطرف و الإرهاب تجاه مستمعيه و من يقرأون له.. تماماً كما يفعل من ينتقدهم و يهاجمهم من السلفيين و الإخوان..

إبراهيم عيسى طبق نفس النظرية التى يرددها كل من يحملون بين طيات صدورهم فكراً تكفيرياً متطرفاً.. فتماماً كما يردد هؤلاء بأن سبب تحولهم لممارسة العنف و حمل السلاح هو تعرضهم للظلم و القهر من جانب الدولة.. فقد تحول إبراهيم عيسى للعنف و التطرف الفكرى تجاه الدولة نتيجه لشعوره بالظلم و القهر و الإهانة عندما لم تستجب الدولة لكل ما يرد فى مقالاته و برامجه كما رسم لنفسه و كما كان يعتقد !!

فهل لكم أن تتخيلوا حدة التحول من الدعوة لتجديد الخطاب الدينى و إعادة تأهيل مؤسسات الدولة الدينية، لممارسة التطرف و الإرهاب الفكرى فى تصريحاته تجاه الدولة و بعض المؤسسات الحكومية و الدينية و فى حق من يؤيد الدولة و يسانده!! بل وصل به الحال فى بعض حلقات برنامجه لمحاولة السب و التشكيك فى فى شرف و نزاهة كل المصريين إستناداً لأحد فلسفاته و نظرياته الواهية و التى يدعى فيها أن: الأصل فى سلوك الشعب هو عدم النزاهة و إنعدام الشرف حتى يثبت العكس !!

أصبح معلوماً للجميع فى السنوات الأخيرة أن طريقة تناول و علاج الكثير من الأحداث و المواضيع من خلال الكثير من الأشخاص و خاصة الإعلاميين أو من هم مفروضين علينا كنخب و خبراء دون عن غيرهم، تشير إلي شئ: إما أن لهؤلاء أغراض دنيئة تقف خلف ما يطرحون.. و إما أنهم من الغباء فى عدم قدرتهم علي التمييز فى كيفية و توقيت و صياغة ما يطرحونه..

تماماً كالذى قد يكون معارضاً للفساد ولا يمارسه، ولكن وجهة نظره و حلوله العبقرية للقضاء على هذا الفساد تتلخص فى أن يتم حل جميع مؤسسات الدولة أو إقامة محاكم ثورية لمعاقبة موظفى الدولة و الفاسدين..

مكثت متابعاً ومعجباً بإبراهيم عيسى لفترة طويلة..حتي بدأت تتضح معالم ما يرمى له.. لست عالماً ببواطن و خبايا الأمور، ولكننى أتصور أن لسان حال وتفكير إبراهيم عيسى مردداً بينه و بين نفسه: كيف للسيسى و الدولة ألا ياخذوا برأيى بمجرد سماعه فى حلقاتى أو كتاباتى؟ كيف لهم ألا ينفذوا ما أطرحه من حلول لكثير من مشكلات هذا البلد؟ كيف للسيسى ألا يجعلنى ناصحاً أميناً يستشيرنى فى كل ما يفعل و أنا نجم هذا العصر و هذا الزمان و ما قبلهم و ما بعدهم من عصور و أزمنة؟

للأسف إبراهيم عيسى على قدر ما له من كتابات بعيدة عن السياسة و التى ظهر فيها كمؤرخ بارع فى طريقة سرده و ربطه للأحداث.. على قدر ما خاب تقديره و تقييمه للكثير من أمور السياسة و كأنه أحد الهواة..

دعونى أكون أكثر صراحة كاشفاً لكم ما يتردد بين البعض هنا و هناك و دون أى خجل.. جميعنا نعرف و لا ننكر أنه لو تم سؤال الرئيس السيسى نفسه و كل من هو شريف و ذو عقل فى هذا البلد ومواجهته ببعض(ليس كل) ما يذكره ابراهيم عيسى و غيره من الأشخاص من الأمور التى قد نتجنب عمداً الخوض فيها بشكل صارخ أو مستفذ فى الوقت الحالى، فلن ينكرها عليهم أحد و سيرددون نعم ما زالت هناك أخطاء و قصور فى كذا و كذا.. ولكننا لم نصل للمرحلة الآمنة التى تمكننا من الخوض فى هذه الأمور فى وقتنا الحالى..

و بسبب أن ترتيب الأوراق و الأوليات و التوقيتات ليست بحرفة إبراهيم عيسى و لم يكن أبداً محترفاً فى هذا الشأن.. لهذا فقد التواصل مع من يجيدها !

و إن كان البعض قد يعزو هذا التقصير فى فهم بعض الأمور من جانب إبراهيم عيسى إلى كونه أحد أنواع قصر النظر أو الغباء أو الجهل السياسى فى تقدير كيفية إدارة بعض الملفات و الأمور..
فعفواً يا سيد إبراهيم، فلا عذر لديك.. فسوء التقدير و الغباء و الجهل أصبحت تصنف ضمن درجات الخيانة للأوطان فى الآونة الأخيرة..

إبراهيم عيسى أصابه جنون العظمة ففقد ماضيه و حاضره و مستقبله أيضاً.. إلا أن يشاء الله أمراً أخر قد يكون مكتوب فى طيات ما لا نعلمه عن الغيب !!

 

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *