بقلم / سماح سمير
الحلقة الاولي
عندما قابلته لأول مره فى مكتبه حتى أقدم أوراقي للعمل بالجريدة …شد أنتباهى أسلوبه في الكلام , كنت أظن أنه يعرفني من قبل أثناء عملى فى الجرائد السابقه أو فى مقر الحزب التى كنا أعضاء فيه , فعندما حددنا ميعاد للمقابله عن طريق زميله قديمه كانت مع جروب العمل التى كنا فيه قد أكدت لى أنى أعرفه وقابلته من قبل وأنه ايضا يعرفنى ولكنى أعلم وبكل يقينى أنى لم أعرفه وراودتني فكرة الزياره لمكتبه حتى أعرف من هو الزميل الذى كانت لى صله به والآن أصبح صاحب جريده خاصه به.
أعجبتنى طريقة الحوار معه رغم أنى فعلا إكتشفت أنى حقا لم اعرفه من قبل أو لا أتذكره .
وبرغم سؤالى له هل أنت حقا تعرفنى قال وبكل تأكيد :
– نعم يا ” ست الكل ”
فقلت بلا إهتمام مع زفرات هادئه :
– يجوز ,ولكنى لم أتذكر شئ ..مثل هذا .
بدأ الحوار بيننا طويلا لقد جذبني إليه منذ اللقاء الاول …إن مجرد كلامه يجذبني …إنه يتكلم جادا , ولكن جديته تكسرها بساطه مريحه وتحفظ …رغم حيرة عيناه دائما كانت شاردتان إلى بعيد!
وفى حواره بدأ يتسلل إلى معرفة حياتى وكأنه يريد إلى الوصول إلى شيئا ما لم أعرفه أو أنه شئ من إختبارات العمل ..لن أظن ذلك كان يحاول أن يكتشف أعماقى ويدخل شخصيتى .
لقد سألنى ما اصعب شئ مر بحياتك وكيف تصرفتى مع هذه المشكله.
إبتسمت فى خفر شديد ساخطه على مواقف حياتى وقلت له :
– يااه لقد مر عليا كل المواقف الصعبه فهى تريد جلسات كثيره كى أحكى فيها وأحكى بماذا تصرفت معها .
وكأنى كنت أهرب من السؤال لأنى بوصولى له كان هربا من تلك المشاكل لا أريد أن أتذكرها أريد أن أولد من جديد بهمتى فى العمل.
وقال متعمدا أن يحصر الحديث للوصول إلى مشكله من مشاكلى:
أذكري واحده منهما وكيف تصرفتى فيها .
قلت وكأنى اهم بالبكاء :
– ثم تنبهت بسرعه وقولت بصوت مرتعش كأنى انقذ نفسى من غلطة شنيعه وقعت فيه :
– آسفه لقد تأخرت قليلا … لا استطيع أن اتأخر أكثر …ولكنى سألقاك مره ثانيه لو سمحت لى .
قال فى هدوء يهز رأسه وعيناه معلقة على ساعة يده وكأنه يعد لميعاد ذاهب إليه على شوق .
– جدا جدا يا ست الكل المكتب مكتبك فى أى وقت إتفضلى واحب أن اجلس معكى لابد للحديث باقيه لقد إكتشفت أنك لديك مواهب كثيره اتمنى معرفتها على موعد إن شاء الله , فإن حديثنا لم يبدأ بعد سأكون فى إنتظارك , وإسمحى لى ان أوصلك لمحطة الاتوبيس التى ستعودين منه .
جاءه تيلفون رد قائلا بكل هدوء ،هدوء لم آراه بعد من اى رجل عندما يكلم زوجته كنت أظن أنها هى ” زوجته”
– حاضر عندى لقاء أنهيه وسآتى لكى الان أين أنتى الان؟
ما فهمته ان إمرأه تكلمه وما فهمته ايضا انها قالت له إنى أمام باب الشقه .
قال وهو يهيم فى الكلام مشفقا عليها فى الرد :
– إيه إنتى قدام الباب دلوقت طيب خلاص انا جاى حالا ربع ساعه فقط.
وأغلق السماعه ولكن شدنى التطفل عليه إنه حضر الان من منزله فاإلى اين سيذهب أو من اين آتى وإلى اين سيذهب …وبعد تفكير قررت أن لا أهتم .
وصلنى الى باب سيارته فتح لى الباب جلست بجواره إنه يحب يسمع عبد الحليم حافظ وورده الجزائريه .
رغم سيره بالسياره هادئ ولكنى شعرت بلهفته ليذهب إلى من كلمته هاتفيا عيناه الزرقوتان الهادئتان الهائمتان شارده ينظر لى من حين لحين ولكنى ألبس نظارتى الشمسيه .
وصلت إلى المحطه ودعته بمشاورت يدى فقط لقد لاحظت إنه لا يسلم عليا بلمسة يده إبتسم ودعنى بهدوء يهز رأسه “مع السلامه”
ركبت الاتوبيس وأنا أفكر فى أيامى الجديده وقرارى الآخير بأنى فى حاجه لأن أكون شخصيه آخرى .
وصلت إلى منزل أمى وأنا سعيده بتلك المقابله التى حملتنى السعاده وكأن حلم ما سيتحقق على يده بل كل أحلامى , أنتظرته بأن يعاود الإتصال بى ليطمئن عليا وعلى وصولى كما تعودت من بعض الرجال الذين يروننى لأول مره, ولكنه لم يهتم وهذا ما أعجبنى فيه اكثر إنه رجل ليس ككل الرجال إنه رغم شبابه وصغر سنه فهو فى الخامس والثلاثين من عمره وانا فى الثالث والثلاثون من عمرى متقاربون فى السن أفكارنا واحده رغم ثقافته أعلى كان يبهرنى كلامه ثقافته كنت لا اريد إلا فقط ان اسمعه .. أسمعه فقط .
خرجت من عنده وأنا أحكى عنه لأمي وأختى الصغيره عما وجدته فيه من أخلاق وكانوا كمثلى لم يصدقوا ان يوجد رجل فى هذا الوقت يحمل كل هذه القيم والاخلاق والتدين وطريقته المهذبه لدى زوجته كان كل كلامى عنه هو فقط وكأنهم لاحظوا شيئا ما لم يتعودوها منى لاحظوا مدى كانت ملامح وجهى الذي أصبح مشرقا مبتسما متفائلا لاحظوا ترديدى لأغانى عبد الحليم حافظ هم لم يأخذوا هذه الفكره عنى أبدا وقد كان شيئا تغير فى أسمع اغانى أرددها أغنيها ينظرون لى وكأنهم يشعرون بشئ قد يحدث ويخافون عليا منها ” من هذا المستقبل المغلق” ولكنى لم أهتم بما يظنوه فى من تغيير هل هذا حب ام ماذا؟
وفى اليوم التالى : حادثته فى التيلفون …أنى أحس كأنى أطير معه فوق السحاب ..أحس أنى وجدت حياتى وبدأت أعيش … وحديثه حلو لا يريد أبدا ينتهى ..وأصبحت عندى الرغبه أن أكلمه كل يوم …
لقد وعدنى أن جريدته مشروع لقناه فضائيه ولها مجال كبير فى الاعلام هذا كان حلمى اعمل فى مجال الاعلام فأنا اعشق هذا العالم ومنذ عملى سابقا كان يوجد رجل اعمال صاحب جريده سابقا أنشأ الجريده لحلم ان تكون قناه فضائيه ولكنه فشل لآن امن الدوله اشارت انه ينتمى الى الإخوان لأنه صاحب مكتبه ودار نشر للكتب الدينيه. فوعدته أن اتصل علي الأستاذ “حسام الدين” صديق قديم لى أثناء عملى بهذه الجريده الذى يملكها “الحاج جمال عز الدين” صديقه الحميم منذ زمن طويل وهو ايضا كاتب عنده بالدار وله عدت كتب وناقد روائي ورئيس مجلس إدارة إتحاد الكتاب وأستاذ بالجامعة سابقا فى الصحافه رجل احترمه جدا فهو يفوق الستين من عمره.
وإتصلت به وأنا فى لقائى الأول مع “يوسف ماهر” حتى يكلمه بنفسه ويتفق معه على ميعاد للمقابله وبرغم من ذلك ردد يوسف إسم رجل ملياردير بالمدينه الجميع يعرفه وهو المهندس ” فتح الله “صاحب أكبر مول بالمنصورة .
وأكد لى أنه ليس باحتياج أحد معه فهو معه من رجال الأعمال ما يكفيه ,ولكنه إذا زاد فى الأمر فهو يريد رجل يعشق المجال حتى لا يضره بأسلوبه المادى للمشروع بل يقف بجواره لنجاح المشروع بحب الطرف الاخر لهذا المجال , فشعرت بشئ جديد فيه عمل جيد ويوم لا ينتهى بمشقة العمل الاعلامى بجوار كتبى التى أكتبها وتنشر فى جميع انحاء العالم .
لقد إتصلت به لأحدد معه لقاء فرحب كثيرا بى وقال إنه مع ميعاد مع المحافظ لتحقيق صحفى معه , وبالرغم أنه دعانى معه للمقابله مع أحد الزملاء ولكنى شعرت إنه يدعونى كشئ من المجامله .
وهذا الإحساس وصل عن طريق أسلوب كلامه …
ذهبت على موعدنا سلم عليا بلمسات يده الناعمه واضح أنه إبن ناس لم يهلك نفسه فى عمل شاق أبدا ..
جلست امام مكتبه على المقعد المقابل له فتح اللاب ولحين أن يحمل اللاب قدم لى عصير اشربه كنت أحتاج شئ ما باردا اشربه رغم برودة الجو كان فى نهاية شهر ديسمبر.
وبعد أن حمل اللاب فتح على ملف ديسك الجريده حتى أرى المستوى الإخراجى للجريده وكى يطمئن قلبى بأن يوجد فعلا جريده سألته متشوقه للمعرفه:
– ومتى تطلع الجريده وتكون بين أيدينا .
قال بكل حيويه وثقه :
-الاسبوع القادم
اصبح الامل يداعبنى وسعادتى تزيد فهو يؤكد لى النجاح وعاجلا تكون النتيجه والنجاح والعلو والشهره .
وبدأت ألاحظ عيناه الشاردتان التائهتان أصابعه تلعب على أزرار اللاب ، وعيناه شاردتان إلى مكان بعيد المدى أذناه تسمعنى ولكن عقله مع من ؟!
بدأ يأخذنى التطفل إلى دخول هذا الشخص وإلى عالمه وكأن عالمه أمام الناس بحر هادئ أمواج تتلاعب برفق توشوش بعضها البعض ..ولكنى وحدى شعرت أنه بحر هائج … يتنافر عن أجواء حياته يثور عن أشياء بداخله الغامضه .
قررت البحث عنه وكأنه بالنسبه لى تحدى ..وخرجت من مكتبه كمثل كل مره فى المعتاد يصلني لمحطة الاتوبيس ولكن أثناء سيرنا كلمنى عن حياته العائليه أنها تشبه حياتى كثيرا والده أمه عشقهما الشديد وتضحياتهما حتى يجتمعوا للزواج كمثل حكاية أمى مع أبى فهو يشبهنى بالملامح ويشبه أبى كثيرا فى إختلاف لون عيناه ورسمت شفاهه .
وصلنا المحطه والوداع نفس الوداع ولكنى أقصد ان أرى من خلف ظهرى هل يتابعنى بنظراته ام أنا إمراه عابره فى الطريق كأى إمرأه تعبر الطريق ولكنه لم يهتم إلا أن يسير ليلحق بميعاده ميعاد الساعه الخامسه اليومى .
واليوم هو نفس اليوم السابق ولكنه بدء يشغل شيئا من التفكير ، ومر الليل وأنا أنتظر اليوم المقبل لرؤيته وهو اليوم الثالث فى المقابله .
ذهبت إليه بنفس الميعاد ولكنى كنت دائما أسبقه وأجلس على السلم لإنتظاره حتى يآتى : وكما يقولون فى الامثال ” الثالثه تابته ” ..كان قرارى أن أبحث عنه فى فنجانيه المقلوب غصب عن أنفه لأفسر حيرتى عن طريق الفنجان المقروء فأنا مبدعه فى قرائته وربما أحب أرى أى لغز يهمنى من أحد ما عن طريق الفنجان المقلوب وقبل أن اذهب إليه فى هذا اليوم كتبت ليلتها على حسابى وحساب صفحت الجريدة ….هذا.
اترك تعليقاً