أحمد إمام يكتب.. المقاطعة و صناعة الأزمات !

فى الآونة الأخيرة و ما بين الحين و الأخر تتجدد و تنتشر بين صفوف الشعب المصرى دعوات بالمقاطعة للكثير من المنتجات تحت مبرر الغلاء و إرتفاع الأسعار.. والغريب فى الأمر أنه عندما تبحث عن أصل أو مصدر تلك الدعوات لا تستطيع التوصل لشئ غير أن المصدر الوحيد هو دعوة تم إطلاقها من شخص مجهول على مواقع التواصل الإجتماعى سواء على صفحته الشخصية أو عبر إرسالها لصندوق رسائل العديد من الأشخاص بشكل مقصود أو عشوائى أو عبر الرسائل النصية للهواتف المحمولة أو حتى تم إرسالها عبر أحد تطبيقات الهواتف الذكية مثل What’s up أو غيره من التطبيقات..

حقيقة.. لا أجد أى توافق عقلى أو منطقى لم يتردد من وجود ركود إقتصادى و وقف للحال و بين دعوات المقاطعة التى يتم نشرها بين الناس.. فإذا كان هناك ركود بدون أى دعوات للمقاطعة.. فكيف هو الحال لو تمت مقاطعة الكثير من السلع و المنتجات؟
كيف هو الحال لو توقفت خطوط إنتاج بعض المصانع أو لو توقفت مصانع بأكملها عن الإنتاج؟
ألن يتسبب ذلك فى إلحاق الضرر المادى برب العمل، مما سينتج عن تسريح بعض أو كل العمالة فى منشأته أو شركته؟
شئ من إثنان.. إما أن مطلق هذه الدعوات هم مجموعة من الهواة الذين لا يقدرون حقيقة ما تنطق به ألسنتهم و ما تكتبه أيديهم.. أو أن مطلقى هذه الدعوات يعلمون تمام العلم ما تهدف إليها كإحدى محاولات صناعة و تصدير الأزمات للدولة و للشعب المصرى.
وفى غالب الأمر و شخصياً فأنا أرجح الأمر الثانى.. و هو أن أى دعوات للمقاطعة سواء بخصوص مقاطعة منتجات أو سلع معينة هى دعوات مشبوهة و فى غالب الأمر أن جماعة الشر هى من تقف وراء تلك الدعوات والترويج لها من منطلق و فكرة صناعة الأزمات..

وجهة نظر شخصية.. أن المقاطعة بوجه عام هى أسلوب و مسلك الضعفاء و الفشلة و متبنى أى فكر غير سوى.. ولو رجعنا بالذاكرة على مدار ال 50 عاماً السابقة، سنجد أن أصل تلك الدعوات و منشأها فى معظم الأوقات كان على يد جماعة الشر و كل من يساندهم من متملقى السلطة و أصحاب اللافكر.

ولقد عهدناهم مقاطعين للإنتخابات و الإتفاقيات و للوعود و العهود و لكل ما من شأنه أن يصب فى صالح البلد و إستقرارها.

وليتخذها الجميع قاعدة ثابتة فى عقولهم مع إختلاف المواقف:

“كل ما يدعوا إلى الخروج عن أعراف و تقاليد الشعب المصرى و محاولة إسقاط و طمس بعض من تراثنا و عاداتنا، ستجد أن من يقف خلفه ليس بحسن النية و أن هناك أهداف غير معلنة فى جعبته لن تظهر للعيان إلا وقت اللزوم”

تماماً كما يحاول البعض فى الأيام الأخيرة من نشر دعوات لمقاطعة شراء حلوى المولد النبوى الشريف فى محاولة منهم لإثناء المصريين عن الإحتفال بذكرى المولد النبوي على طريقتهم التى إعتادوها، و التى هى فى الأصل من تراث و من مكونات التركيبة الحضارية و الثقافية و الهوية المصرية لهذا الشعب.

الحالة الوحيدة التى من الممكن أن أقبل فيها بمقاطعة أمر ما، هى إذا صدر الأمر بتوجيه رسمى أو حتى تلميح غير معلن صراحة من الدولة و مؤسساتها تجاه سلعة أو إجراء معين.

لا أستطيع توجيه اللوم لكل من ينساق من الشرفاء بحسن نية إلى مثل تلك الدعوات المشبوهة.. فقط أقول لهم و أرددها دائماً “حكموا عقولكم و حكموا المنطق فى جميع تصرفاتكم”

أليس من الأولى بدلاً من نشر دعوات بالمقاطعة هو أن تنشروا دعوات للعمل بجد و بإخلاص؟

أليس من الأفضل أن تنشروا دعوات بترشيد الإستهلاك و عدم الإسراف فى جميع جوانب و متطلبات الحياة؟

المقاطعة لم تكن يوماً حلاً لأزمة من الأزمات.. و لكنها أحد أسباب و طرق صناعة الأزمات !

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *