كانت هذه رسالته للكثيرين من المستثمرين و كبار التجار و القائمين على الكثير من الصناعات فى جمهورية مصر العربية من قبل أن يفوز بمقعد رئاسة الجمهورية.. كانت مجرد كلمات عبر بها عن توجهاته حال أن وثق به الشعب و إختاره لمنصب رئيس الجمهورية..
فعندما سئل في أحد اللقاءات التلفزيونية عن ضبط الأسعار فى المرحلة القادمة.. كان رده أنه على الجميع أن يساهم فى دعم الدولة فى الفترة القادمة، وبدلاً من أن تربح قرشين إربح قرش واحد(على الأقل في هذه المرحلة) وأنه لن يجبر أحداً على تخفيض أسعار منتجاته.. بل سيقوم بتوفير البديل !
ولكن للأسف فهناك من مرت عليه الكلمات مرور الكرام و لم يأبه لما ذكره الرجل و تمادى الكثيرين في مغالاتهم و إستغلالهم بشكل أكثر ضراوة و وحشية، مستغلين كل ما يمكن أن تمر به البلاد من أزمات مؤقتة فى طريق ما هى ماضية فيه من خطط للإصلاح الإقتصادى.. متاجرين بالمواطن محدود الدخل و بالطبقة المتوسطة و تحت المتوسطة لتحقيق المزيد من الثراء الملوث بأوجاع و معاناة هذا الشعب نتيجة أفعالهم..
و قد تجلى ذلك جلياً فى إفتعال الكثير من الأزمات الناتجة عن محاولات مثبتة بالوقائع لإحتكار العديد من السلع.. كان آخرها و أكثرها شيوعاً.. الأرز – السكر – الأدوية
والمتابع الجيد لما يدور من حوله فى الفترة الأخير سيجد أن الرئيس و الحكومة قد ضاقوا زرعاً بما يفتعله هؤلاء من أزمات و أنه لا مجال للصبر أو المعاملة بالحسنى مع مثل هؤلاء..
ودعونا نطرح بعض الأمثلة لسياسة إيجاد البديل التى تنتهجها الحكومة تحت توجيه الرئيس السيسى:
** زيادة عدد المحال و السلاسل التجارية التى توفر معظم السلع الغذائية بأسعار معقولة و فى متناول الجميع و بأكثر من تصنيف للمنتج الواحد.. حيث يتمكن المستهلك من إختيار ما يناسبه و بما يتوافق مع إمكانياته و ظروفه المادية. وذلك كبديل للمحال التجارية الصغيرة والتى ترفع أسعارها بشكل واضح و ملحوظ عما يفترض أن تكون عليه.
** إقامة و إنشاء العديد من منافذ بيع القوات المسلحة و وزارة الزراعة و الجمعيات الإستهلاكية و منافذ البيع المتحركة فى جميع أنحاء الجمهورية، والتى من خلالها يتم توفير معظم السلع الغذائية الأساسية و بأسعار تعد متدنية مقارنة بما هو مطروح فى أى مكان آخر.. كاللحوم و الدجاج و الأسماك و منتجات الأجبان و السمن و غيرها من المنتجات.
** طرح منظومة أوبر و كريم و غيرهم من شركات القطاع الخاص فى مجال النقل و المواصلات كبديل أرقى و أوفر لمنظومة التاكسى الأبيض التى يصر سائقيها على عدم الإلتزام بالقوانين و تعريفة الركوب و الإصرار على عدم الإلتزام بتشغيل العداد كما هو مفترض.
** بدء مصانع الإنتاج الحربى و التابعة للقوات المسلحة بتصنيع و إنتاج بعض من الأجهزة الكهرباية و المنزلية بأسعار تنافسية عما هو مطروح فى السوق من أجهزة أخرى مغالى فى أسعارها سواء عن طريق المُصنع أو التجار.. و مثال ذلك ما تم الإعلان عنه مؤخراً من إنتاج أجهزة تكييف و ديب فريزر و ثلاجة صناعة مصرية 100%
** ومؤخراً و بخصوص إرتفاع أسعار الدواجن الحية و وجود نوع من الإستغلال الواضح و التربح الفاحش من جانب تجار التجزئة.. حيث يباع كيلو الدواجن الحية للمستهلك فى حدود 22 – 24 جنيه فى حين أنه يتم إستلامه ب 18 جنيه تقريباً من تاجر الجملة.. أى أن تاجر التجزئة يربح بمعدل من 4 – 6 جنيهات فى الكيلو الواحد.. فى حين أنه من المفترض أن تكون نسبة الربح الطبيعية من 1 – 2 جنيه فى الكيلو الواحد..
لذلك كان على الحكومة أن تتدخل فى ظل مناداة الكثيرين بمراعاة ظروف الفقراء و محدودى الدخل و الطبقات المتوسطة و دون المتوسطة.. و كان ذلك التدخل عن طريق قرار بإعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك من تاريخ 10 نوفمبر 2016 و حتى 31 مايو 2017 فى محاولة لتوفير البديل .. أى لمدة محددة و هى 6 شهور تقريباً.
و فى إعتقادى الشخصى أن هذه الخطوة أيضاً ما هى إلا خطوة من خطوات توفير البديل كمثيلاتها من الخطوات المتخذة لمحاربة جشع التجار و القائمين على تلك التجارة.. كذلك قد تكون خطوة مؤقتة لإلتقاط الأنفاس الناتج عن زيادة سعر الأعلاف نتيجة لإرتفاع سعر الدولار مؤخراً.. خاصة أن الحكومة المصرية بصدد البدء فعلياً فى إنشاء العديد من مصانع الأعلاف المحلية لتوفير إحتياجات السوق المحلى.
الغريب فى الأمر أنه منذ أن صدر هذا القرار بالأمس و قد بدأ الكثيرين بمهاجمته كونهم يرددون بأنه سينهى على تجارة و تربية الدواجن فى مصر.. ونفس هؤلاء الأشخاص هم من كانوا ينادون بمراعاة المواطن البسيط فى إحتياجاته و وجوب توفير ما هو فى متناول يده من المنتجات ذات الأسعار المناسبة.
وآخرون ينادون بحلول لا أساس لها من الصحة أو المرجعية الإقتصادية، كمطالبتهم للدولة بأن تدعم أسعار الأعلاف التى يتم إستيرادها !! وتناسوا أن الدولة أعلنت مؤخراً عن سياستها الواضحة فيما يخص الدعم و وجوب وصوله لمستحقيه بدلاً من إستفادة من ليس لهم الحق فى الإستفادة منه..
و البعض ناظراً تحت قدميه و دون أى رؤية مطالباً الدولة بإعفاء الأعلاف جملة و بشكل مطلق من الجمارك مما من شأنه تقليل أحد موارد الدولة بشكل واضح جداً.. بدلاً من إعفاء بند الدواجن المستوردة فقط ولمدة محددة، و التى لا يمكن مقارنة ما يتم تحصيله من جمارك عليها بما يحصل من جمارك على الأعلاف !
لا أعتقد أبداً أن عدة شهور من رفع الجمارك على الدواجن المستوردة للصالح العام سيكون سبباً فى القضاء على تلك الصناعة و التجارة.. فالغالبية العظمى من المستهلكين يفضل إستخدام الدواجن الطازجة تحت أى ظرف من الظروف و أياً كانت أسعارها..
ولكن كما يطالب و ينادى الكثيرين فى خطاباتهم المفوهة بوجوب مراعاة الدولة للفقراء و المحتاجين و المتضررين من زيادة الأسعار مؤخراً.. فلماذ الإعتراض الأن و دون أى دلائل أو دراسات قد تؤكد صحة ما تدعون؟
أم أن هناك من ستتضرر رؤوس أموالهم المتنامية نتاج معاناة الشعب حال أن تم تنفيذ هذا القرار و غيره من القرارات؟
فقط ضعوا فى الحسبان أن تربية وتجارة الدواجن هى كغيرها من القطاعات التى طالما طالها الفساد و يحتكرها بعض الأشخاص بعينهم(مافيا).. بما فى ذلك كل ما تشتمله تلك التجارة و يتبعها من تجارة أعلاف و أمصال و كهرباء و غاز و غيره و غيره..
أرى أن يكف كل من ليست لديه الخبرة الكافية و رؤى حديثة فى التخطيط و الشأن الإقتصادى عن طرح أرائهم عبثاً هنا و هناك دون أدنى خبرة أو دراية عما تنطق به ألسنتهم.. وأن يتركوا من هم قائمين على الأمور بممارسة مهام عملهم و تخصصاتهم طالما أن هناك رئيساً نثق فيه و حكومة تم إختيارها بعنايه تحت إشراف هذا الرئيس نفسه !!
فما يتم إتخاذه من خطوات بهذا الصدد هو ما سيحقق العدالة الإجتماعية المنشودة و التى طالما نادى بها الجميع.
اترك تعليقاً